بارك الله فيك أبا عبد الرحمن ورحم والديك,,
على هذا الموضوع الرائع , ونحن نحبكم فى الله يابا سليمان منذ قدم صداقتنا ,,,,,,, وبعد أذنك هذة مقالة للدكتور محمد موسى الشريف , هذا الرجل والله أنى أحبه فى الله , تلمس فيه الأخلاص , واهتماماته بهموم المسلمين فى صورة أحاديثه وكتاباته ورسائله من خلالهما عن تاريخ المسلمين فى كل مكان من العالم .
اللهم قيض لسوريا الخلاص كما قيضته لمصر وتونس .....يارب إنك قد أبرمت لنا هذا الأمر فأجعله يارب أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك ويزل فيه أهل الظلم والطغيان وان يؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر يارب العالميين ياذا الجلال والأكرام
واليكم هذا المقال وهو بعنوان سوريه شقيقة مصر,,,,,
لقد ارتبطت سوريا بمصر منذ بدايات التاريخ الوسيط في القرن السادس الهجري/ الثاني عشر الميلادي، يوم تولى الحكم في سوريا الأسد الهصور الحلبي والسلطان الجسور نور الدين محمود بن زنكي -نوَّر الله ضريحه، وأسعد روحه- الذي حكم عشرين سنة منذ سنة 549هـ/1154م، وغزا الصليبيين ثلاثين مرة، وضم مصر إليه، وخلصها من الفاطميين، وجعل عليها صلاح الدين الأيوبي -يرحمه الله تعالى- واليًا، فمنذ ذلك الوقت ارتبطت سوريا بمصر، في كل الأحداث التي مرت بالأمة؛ ففي الدولة النورية كانت مصر تابعة للشام، وفي الدولة الأيوبية زمن السلطان صلاح الدين الأيوبي -رحمه الله تعالى- كانت مصر تابعة للشام أيضًا..
ثم في نهاية سلطنة الأيوبيين انتقلت السلطة إلى مصر وصارت الشام تبعًا لمصر، فلما جاء المماليك استقر الأمر على هذا، فقد كانت مصر مقر سلطنتهم والشام إحدى ولاياتهم، وفي زمن الظاهر بيبرس المملوكي صارت القاهرة مقرًّا للخلافة العباسية، وصارت الشام إحدى ولايات هذه الخلافة إلى أن جاء العثمانيون ودخلوا القاهرة سنة 923هـ، فصارت مصر والشام ولايتين عثمانيتين، وبقي هذا الأمر كذلك إلى العصر الحديث.
لكن المتابع للأحداث التاريخية يجد الارتباط الواضح القوي بين مصر والشام، وأن ما يجري في مصر يؤثر في الشام، وما يقع في الشام يتردد صداه في مصر، حتى إن الأدباء كانوا يفاضلون بين مصر والشام في شعرهم ونثرهم، وكان آل السبكي المصريون قضاة كبارًا في دمشق، وكان العز بن عبد السلام الشامي أضخم وأكبر العلماء في مصر، وكان الأمراء والكبراء المصريون يتنافسون في بناء المدارس والمساجد في الشام.
وظل الارتباط قويًّا بين البلدين إلى زماننا هذا، ولا يُنسى في التاريخ الحديث تلك المحاولة الفاشلة في توحيد البلدين التي وقعت سنة 1378هـ/1958م، وفُضَّتْ بعد ثلاث سنوات من المعاناة؛ بسبب المنهج الناصري العقيم البعيد عن الإسلام والمسلمين.
إنما مهَّدتُ بهذا الحديث لأصلَ إلى ما جرى في وقتنا هذا من التغيير الرائع الضخم في مصر، وتبعه محاولات التغيير التي تجري في الشام الآن، ولي فيما يجري في الشام بعض الملاحظات أوجزها في التالي:
أولاً: إن الشام أو سوريا قد بدأ فيها التغيير، ولن يتوقف -والله تعالى أعلم- إلى أن يؤتي أكله، سواء تغير النظام أو بقي، والأمر القطعي المستقى من سنن التغيير أن هنالك تغييرًا كبيرًا قادمًا في طريقة إدارة البلاد، وإذا كان النظام السوري حكيمًا فسيبادر إلى التغيير الذي يرضي شعبه ويبقيه في السلطة، وإلاَّ فإن أمواج التغيير ستقتلعه كما اقتلعت غيره.
ثانيًا: إن الشعب السوري متطلع إلى الحرية، ناشد لها بعد سنوات طويلة جدًّا من القمع، وأزعم أن الشعب السوري قد تعرض لظلم هائل منذ أكثر من قرن، منذ تولي جمعية الاتحاد والترقي الماسونية السلطة في الدولة العثمانية بعد عزل السلطان عبد الحميد إلى زماننا هذا، فقد سامت الجمعية والتي تغلغل فيها اليهود والماسون الشعب السوري ألوانًا من العذاب على يد جمال باشا السفاح، ثم لما انهزمت الدولة العثمانية تمتع الشعب السوري بشهور من الحرية والخلافة العربية -كما كانت تسمى آنذاك- إلى أن جاء الفرنسيون فهزموا أهل الشام في موقعة ميسلون المشهورة في 8-11-1338هـ/ 24-7-1920م ودخلوا دمشق، وذاق السوريون منهم أصنافًا من العذاب وألوانًا من الهوان إلى أن انقلعوا وطهرت منهم بلاد الشام فيما يُعرف بالجلاء وذلك سنة 1365هـ/1946م، ثم تعاقب على حكم البلاد جماعة من المنتفعين الانتهازيين، وتقلبت البلاد في كل الأحضان إلا حضن الإسلام، حتى سقطت في قبضة الحزب الواحد (حزب البعث) منذ سنة 1383هـ/1963م إلى يومنا هذا.
وطوال هذه المدة التي هي أطول من قرن لم يذق الشعب السوري طعم الحرية، ولم يستطع التعبير عن إرادته ومطالبه سوى مدد محدودة لا تتجاوز بضع سنوات متفرقة منذ 1336هـ/1918م إلى سقوط البلاد في قبضة البعثيين، فقد آن الأوان وحان الزمان الذي يتمتع فيه الشعب السوري بحريته، وينطلق من عقاله، ويلتحق بإخوانه المصريين الذين نالوا حريتهم، وحصلوا على مرادهم، وهم الآن في انتظار إخوانهم أهل الشام.
ثالثًا: إن النظام السوري يجب أن يصغي طويلاً لآهات المظلومين، وأنّات المحرومين، وصيحات المعذبين، وبكاء الفقراء والمساكين، وقد حصلت بسببه مظالم لا سبيل لإنكارها، ولا وجه لردها، ولا يمكن المكابرة فيها، وإن الفرصة ما زالت ممكنة لإصلاح حقيقي في الشام ليس فيه حسابات طائفية، ولا نزعات مذهبية، ولا تسلُّطات فئوية، إنما يجب أن يعامل الشعب السوري على أنه شعب مستحق للحرية، ناضج إلى الحد الذي يستطيع معه أن يقرر ما يصلح له وما لا يصلح له بدون وصاية من أحد، ولا تسلط، ولا إذلال، ولا إهانة.
رابعًا: إن الإسلام العظيم يكفل تحقيق كل مطالب الشعب السوري مهما كانت؛ ففي ظل نظامه الرائع لا يظلم أحد أحدًا، ولا يتعدى أحد على حق أحد، ولا يبغي أحد على أحد، فأرجو أن ينتبه النظام السوري لهذا، ويعلم أن بلدًا تاريخيًّا مثل الشام كان موطن الخلافة، وموئل السيادة لا يمكن له أن يُحكم بغير الإسلام، وليس هناك نظام وضعي قادر على حل مشكلاته وطمأنة طوائفه سوى الإسلام، فهل يتخذ النظام السوري القرار الذي سيكون فيه سعادته وسعادة شعبه بتحكيم الإسلام في سوريا وتخليص شعبه من المظالم؟!
خامسًا: إن كثيرًا من علماء سوريا -مع طي ذكر الأسماء حفاظًا على حرمتهم- لم يقوموا بما أوجب الله عليهم من نصرة شعبهم، بل إن بعضهم كان معاونًا للنظام، مساعدًا له ضد شعبه، وهذا لا يليق بعلماء برز منهم إمامهم وسلطانهم العز بن عبد السلام الدمشقي، ومنهم شيخ الإسلام المجاهد الكبير ابن تيمية، والآمر بالمعروف والناهي عن المنكر الإمام النووي، بل لا يستطيع أحد أن يحصي كم من العلماء العظماء قد سعدت بهم الشام في عصورها الماضية، وكان منهم في العصر الحديث العالم البطل الشجاع حسن حبنكة الميداني والشيخ علي الدقر والشيخ عبد العزيز أبو زيد الحوراني وعشرات غيرهم كان لهم مواقف مشرفة..
فيا علماء الشام، أين أنتم؟! وفيم سكوتكم عن نصرة إخوانكم؟ فإن لم تفعلوا وسكتم، فلا أقل من ألا تكونوا أبواقًا للظلم، فإن أبيتم إلا أن تكونوا كذلك، فإني أخشى عليكم غضب الجبار الذي يغار لانتهاك محارمه، وأن تندموا يوم لا ينفعكم الندم.
سادسًا: وكلمتي للشباب القائم على التغيير في وسائل الإعلام الجديد: الفيس بوك وتويتر ويوتيوب، هي أن يجتمعوا على كلمة واحدة، وألا يتفرقوا أيادي سبأ، وألا يسمحوا لأحد كائنًا من كان بزرع البغضاء والتفرقة بينهم حتى يأذن الله لشمس الحرية بالبزوغ، وأن يستفيدوا من تجارب التونسيين والمصريين، وأن يبتعدوا عن كل وسائل العنف، وأن يدعوا للاعتصام في ساحة المرجة بدمشق؛ لتكون مثل ميدان التحرير في القاهرة، وأن يتوكلوا على الله تعالى ويعتصموا بحبله، والله الموفق.
وأخيرًا أقول:
إن انتصار الشعب السوري في المسار التغييري الذي سلكه أمر واقع واقع -إن شاء الله تعالى- وإزالة المظالم عنهم وشيكة بأمر الله تعالى ورحمته وإذنه؛ فالصبر الصبر فإن النصر مع الصبر، والنصر صبر ساعة، وأرجو ألا يحملوا سلاحًا، وأن تكون ثورتهم سلمية، وأن يفطنوا إلى مكائد الأعداء، وأن يقطعوا السبيل على المريدين بهم شرًّا، وأن يلتفوا حول الصالح من علمائهم، والقادر من دعاتهم ومشايخهم؛ فإن البركة بالتفاف الشعب حول المشايخ واستشارتهم وتصديرهم في الأحداث.
وأسأل الله تعالى أن يحمي البلاد والعباد، وأن يزيل الظلم والطغيان، وأن يأذن بعودة الشعب السوري إلى السيادة والعزة والتمكين، وأن يكون ذلك قريبًا إن شاء الله تعالى.
المصدر: موقع التاريخ.