سوريا بلاد الشام اللهم بارك في شامنا منارة الدولة الاموية
نسيناها او شغلتنا او ضاعنا عنها ،،،،،،، فهل نتذكرها بهذة المقال
ونجعل لأهلنا هناك حظا من دعائنا وتفكيرنا بقلم الدكتور: راغب السرجاني
أتعجب كثيرًا من بعض الرسائل التي تأتي لي من سوريا وبعض البلاد تسأل عن شرعية الخروج على مثل هذا الحاكم. فأقول: سبحان الله! لعل الخروج على الطاغية بشار الأسد هو أكثر أنواع الخروج شرعية في كل الثورات العربية التي مرت بأمتنا الآن؛ إذ إنهم لا يخرجون على حاكم مسلم، إنما يخرجون على طائفة مجرمة خرجت عن دين الله عز وجل، وعبدت بشرًا من دون الله تعالى، وقتلت من السُّنَّة مَنْ قتلت، وتعاونت مع أعداء الله عز وجل.
ومن ثَمَّ أقول لأهلنا في سوريا: أبشروا، لقد حققتم -والله- إنجازات أكثر بكثير من طموحاتنا في هذه الفترة، لا تظنوا أن الزمن قد طال بكم في ثورتكم.. أبدًا لم يطل، المخاض دائمًا مؤلم، وميلاد الأمة صعب، والتغيير يحتاج إلى رجال.. يحتاج إلى بذل وتضحية، ما زلتم على الطريق. بل أقول: أبشروا لقد قطعتم معظم الطريق؛ لأنكم قتلتم الخوف الذي في صدوركم، وهذا من أكبر إنجازات الثورة في سوريا.
وأقول أيضًا لشعب سوريا: أبشروا، أنتم قتلتم الخوف الذي كان في قلوبكم، هذا هو الثأر الأول لشهداء حماة التي حاصرها المجرم حافظ الأسد -عليه لعنة الله- بدبابات وطائرات ومدرعات وقتل منها في شهر فبراير 1982م أكثر من ثلاثين ألف مسلم..!!
هل تتخيلون هذا الرقم؟! هل سمعتم به في فلسطين على أيدي الصهاينة؟! لعلكم تعجبون إذا عرفتم أن مجموع مَنْ قُتل من الفلسطينيين في كامل الفترة التي احتلها فيها الصهاينة وقبلها الإنجليز لا يرقى إلى هذا الرقم..!! في شهر واحد فعل هذا المجرم هذه الأفاعيل؛ ولذلك سكتت الصرخة في قلوب السوريين على مدار تسعة وعشرين عامًا، ما قامت حركة اعتراض في سوريا على النظام طوال هذه الفترة؛ فقد ذاقوا الألم والمرارة في حماة وفي حلب وفي غيرها من بلاد سوريا، وصار الصالحون إما منفيين وإما قتلى وإما معتقلين يُعذبون ليل نهار..
ووالله! قابلتُ شيخًا من شيوخ الأردن، هُدِّد بالتعذيب في سجن من سجون الأردن، فقيل له: تُعذب على الطريقة الصهيونية أم على الطريقة السورية؟ فقال: أستحلفكم بالله على الطريقة الصهيونية؛ لما يسمعون من بشاعة التعذيب على أيدي النصيريين في سوريا. بشاعة لا تتخيلونها! وقمع لا تتخيلونه! وسيطرة من قوى الأمن الغاشمة والشبيحة (البلطجية) على كل محاور الدولة من شمالها إلى جنوبها، ومن شرقها إلى غربها، أضعاف أضعاف ما كنا نعانيه في مصر من النظام البائد..
وقد زرتُ سوريا بنفسي ورأيت حالة الشعب وحالة الخوف والرعب والهلع التي زرعوها في قلب كل إنسان يعيش على هذه الأرض، كان هذا قبل الثورة بستة أشهر تقريبًا، فلما حدثت الثورة في سوريا كانت أول كلمة قلتُها: سبحان الله! هذا فعل رب العالمين؛ فالمعطيات التي كانت في أيدينا تقول: إنه من المحال أن تقوم ثورة في سوريا بعد هذا الإجرام الذي تم في حماة، وبعد هذا القمع، وبعد هذه الجاسوسية التي وضعها النظام السوري في شعبه في كل أطرافه، حتى صار كل إنسان يخشى من جاره، يخشى من أخيه أن يتلصص عليه وينقل أخباره إلى النظام المجرم.
الآن يا شعب سوريا أنتم ثأرتم لشهداء حماة، فأكملوا الطريق.. قلوبنا معكم.. نرفع أيدينا صباح مساء ندعو لكم بالتمكين، وأن يرينا الله فيكم دعوة حبيبنا بالبركة في أرضكم وفي شعبكم؛ "
اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي شَأْمِنَا" (رواه البخاري). وها هو النظام السوري يتهاوى أمامكم، لا تظنوه قويًّا، إذ كلما ازدادت المتاريس حول الظالمين دلَّ ذلك على ضعفهم؛ إذ ما وضعوا المتاريس حولهم إلا لأنهم رأوا الشعب أقوى منهم. افقهوا هذه الحقيقة جيدًا.. افقهوا أن النظام مهما بدت لكم قوته وضراوته، فإنه هشٌّ لا قيمة له، لا عقيدة له، لا قضية له.. مجموعة من اللصوص والمجرمين والفاسدين، أنَّى لهم النصرة من رب العالمين سبحانه وتعالى؟! فالله معكم ولن يتركم أعمالكم.
وأقول لأهلنا في سوريا: لا تضعوا أيديكم أبدًا في أيدي الغرب، فهؤلاء ما يريدون إلا مصالحهم، فهل تريدون أن تخرجوا من حكم واحتلال نُصيريّ إلى احتلال غربي؟ لذا ينبغي أن تعتمدوا اعتمادًا كاملاً على الله عز وجل؛ فالنصر قريب للغاية إنْ عرفتم من أين يأتي
{وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللهِ} [آل عمران: 126]. فإذا طرقتم باب الله عز وجل بقوَّة، فاعلموا أن الله سيفتح لكم الطريق للنصر إن شاء الله
{قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ قَرِيبًا} [الإسراء: 51]. وليعلم إخواننا في سوريا أن الله عز وجل لا ينصر هذا الدين إلا بأهله الكرام، إلا بعقيدة صحيحة، إلا بعبادة سليمة، إلا بتوجُّه واضح إليه سبحانه وتعالى. أما المبتدعون والمبدلون والمغيرون، فهؤلاء لا ينصرون دين الله عز وجل. فأبشروا يا أهل سوريا، واستمروا في ثورتكم، وارفعوا راياتكم، وأعلنوا توجُّهكم واضحًا: ما قُمنا إلا لله عز وجل، ودفاعًا عن حرمات الدين. أسأل الله أن ينزل عليكم بركاته ورحماته، وأن يُمَكِّن لكم ولعامَّة المسلمين الصالحين في بقاع الأرض جميعًا.
وأخيرًا يجب علينا أن نجعل قضية الشعب السوري حيَّة في قلوبنا وفي أقلامنا وفي صفحات الإنترنت وفي مواقع التواصل الاجتماعي، وفي أحاديثنا بيننا وبين بعضنا.. بيننا وبين أُسَرنا.. بيننا وبين أصدقائنا؛ إذ إن ذلك يُحدث حركة شعبية في مصر وفي عامة البلاد العربية والإسلامية، وهذا له مردود على من يحكم هذه البلاد. ومن ثَمَّ لا بد من ضغطٍ على هذه الحكومات التي تحكم بلاد المسلمين؛ ليكون لها أثر فاعل في تغيير الأوضاع في سوريا، ولن يكون ذلك إلا بتوجُّه شعبي ناحية هذا الأمر؛ فلو شعر حكام البلاد أن هذا أمر هامشي لا يشغل إلا طائفة قليلة من الشعب، فإنهم لا يضعون ذلك في أولويَّاتهم.
وبشارة أتوقعها وأختم بها: أن الله عز وجل لو أكرم مصر بحكومة إسلامية، وأكرم سوريا بحكومة إسلامية، فإني أعتقد أن اليهود لن يقاتلوا أصلاً في فلسطين، ولكن سيحزمون أمتعتهم ويخرجون من البلاد دون قتال كما فعل بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة؛ فقد أجلى حبيبنا الأولى والثانية وقتل الثالثة بعد خياناتهم وغدرهم بالمسلمين، ما دار بينهم وبين المسلمين في المدينة قتال. فاليهود ليست لهم طاقة بحرب المسلمين الصادقين، ومن ثَمَّ فتحرير سوريا وتحرير مصر من العلمانية والمذاهب الأرضية، والعودة إلى الله عز وجل كفيلة -بإذن الله- بتحقيق الحلم الكبير وتحقيق الأمل الذي عشنا ننتظره بتحرير فلسطين كلها، وبالصلاة في مسرى رسول الله .
أسأل الله عز وجل أن يُنزِل عليكم ثباتًا من عنده, وأن يستعملكم لنصرة دينه, وأن يخلص نياتكم, ويصلح أعمالكم, ويحسن خواتيمكم, ويهلك عدوكم, ويشفي صدوركم وصدور المؤمنين.. إنه ولي ذلك والقادر عليه.
وأسأل الله أن يُعِزَّ الإسلام والمسلمين.