جمال سلطان
الإخوان المسلمين وأمريكاالأجواء الحالية في مصر بغموضها وتعقيداتها مفتوحة على المزيد من عمليات الاصطياد السياسي ومحاولات تلويث السمعة، وكثيرون مؤهلون نفسيًّا لقبول أي إشاعة أو اتهام أو أي حديث يتسم بروح "المؤامرة"..
والحادثة الأخيرة المتمثلة في رفع الحظر عن سفر المتهمين الأمريكيين في قضية التمويل الأجنبي مثَّلت فصلاً جديدًا في محاولات التلويث، وخاصة بعد أن وجَّهت شخصيات أمريكية الشكر إلى الإخوان المسلمين على موقفهم ودورهم في إنهاء هذا الأزمة، وهو ما استدعى حملة -تنتظر الفرصة- للنيل من الإخوان، وتصويرهم في صورة المحرِّض على استباحة القضاء، وإهانة الكرامة الوطنية.
فما الذي جرى بالضبط؟
يحكي القيادي الرفيع في جماعة الإخوان المسلمين القصة بتمامها، بدءًا من تفجير القضية وتعمد الجهات الرسمية في مصر التعنت مع المتهمين الأمريكيين دون المصريين؛ لاستفزاز الطرف الأمريكي لأقصى درجة، واستخدام لغة تصعيديَّة من قِبل الحكومة المصرية بشكل متكلف ومفاجئ، في الوقت نفسه قامت جهات سيادية بتوصيل رسالة إلى الطرف الأمريكي مفادها أن تفجير القضية أتى عبر الإخوان المسلمين، وأنهم هم الذين ضغطوا على الحكومة؛ من أجل القبض على النشطاء الأمريكيين أو منعهم من السفر.
وكانت الرسالة مقصودًا منها "خوزقة" الإخوان مع الأمريكان، في وقتٍ يتأهب فيه التيار الإسلامي في مصر لتشكيل حكومة إنقاذ وطني جديدة، وسط أجواء من القبول والتفهم في العواصم الأوربية وفي واشنطن، فكان أن أرسل الطرف الأمريكي السيناتور "جون ماكين" لإجراء حوارات مباشرة مع أطراف المشكلة على الطبيعة في القاهرة، فقابل قيادات عسكرية كما قابل برلمانيين، كما قابل قيادات بالإخوان المسلمين، والذين فاجئوه بالقول إنهم لا صلة لهم بالمرة بهذا الموضوع، وأنهم لا يعرفون عنه أي شيء، ولم يطلبوا من الحكومة أو المجلس العسكري تحريك الدعوة القضائية، وإنما حكومة الجنزوري التي تحظى بدعم واختيار وتوجيه المجلس العسكري هي التي حركت الملف وأحالته للقضاء.
أضاف القيادي الإخواني الذي قابل ماكين قوله له: إن القانون الذي يحاكم به هؤلاء النشطاء هو نفسه القانون الذي كان الإخوان أبرز ضحاياه في عهد الرئيس المخلوع، وتم تلفيق عشرات القضايا لهم، وتدمير مؤسساتهم الاقتصادية ومدارس ومستشفيات، وكل ما يتصل بالعمل الأهلي، الذي كان الإخوان يقومون به، في الوقت الذي لم ينطق فيه الجمعيات الحقوقية التي دعمتموها بكلمة واحدة دفاعًا عن الإخوان، وأنتم أيضًا -يقصد الأمريكيين- سكتم على تلك الجرائم التي تعرضنا لها..
مضيفًا أن من أهم أولويات أجندة حزب الحرية والعدالة في البرلمان الجديد تعديل هذا القانون، بما يضمن حماية العمل الأهلي؛ لأن المشروع الإسلامي يقوم في جوهره على تفعيل العمل الأهلي، وكانت الأوقاف الأهلية هي قاطرة التنمية في المجتمعات الإسلامية على مر القرون.
التوضيحات التي قدمها الإخوان لماكين كانت مفاجأة مذهلة للرجل، حسب المصدر الإخواني، ووضعت المجلس العسكري وحكومة الجنزوري في المواجهة الصريحة -بدون ستار مزور- مع الطرف الأمريكي؛ فاضطرت الجهات الرسمية إلى تخفيف حدة المواجهة واستيعاب الأزمة بقبول تظلم شكلي من محامي المتهمين برفع الحظر على سفرهم مقابل كفالة كبيرة.
هذه هي القصة بتمامها، كما حكاها لي القيادي الإخواني الكبير.. والله أعلم.
المصدر : صحيفة المصريون