وائل قنديل
مصر الآن تسبح فى بحيرة من الطعون، بما يشى بأن الهدف من إجراء الانتخابات البرلمانية المزمعة بهذه السرعة والعشوائية هو الطعن فيها، وتأجيلها أو إلغاء نتائجها, إنها انتخابات على كف عفريت، بعد أن ملأوا الإطار المنظم لها بكثير من الثقوب والثغرات، التى تجعل الباب مفتوحا طوال الوقت للتراجع عنها.
ويلفت النظر أن غالبية المناطق التى ستجرى فيها الانتخابات فى المرحلة الأولى، تشهد حفلات عنف صاخبة، تبدو وكأنها منظمة بحرفية عالية من قبل متعهدى حفلات يعرفون من أين تفسد، وبالتوازى مع ذلك انفتح صنبور أحكام القضاء الإدارى المتعارضة، بمنع الفلول من الترشح فى مناطق، والسماح لهم فى مناطق أخرى، ليدخلنا فى دوامة قضائية معقدة، إن لم تعرقل إجراء الانتخابات، فإنها ستعطل نتائجها وقس على ذلك موضوع الحكم بتطبيق حق المصريين فى الخارج بالتصويت، وما يعتريه من إجراءات كوميدية شديدة العبث، من ذلك ما جرى مع مواطنين فى بعض المدن الأمريكية حين دعوا إلى استخراج وثيقة الرقم القومى، ووجدوا تسهيلات غير اعتيادية من قبل مبعوثى وزارة الداخلية، وبعد أن حصلوا على الرقم القومى كان الخبر الذى نزل عليهم كالصاعقة: غير مسموح لكم بالتصويت هذه المرة لأن حق التصويت مكفول فقط لمن حصل على بطاقة الرقم القومى قبل نهاية شهر يوليو الماضى. أو يمكنك القول باختصار إنه تكرار مضحك للنكتة المصرية الشهيرة «طلبك ليس عندنا لكن ما رأيك فى النظام» بعد أن يكون صاحب الطلب قد قطع أشواطا بعيدة فى الجرى وراء الأمل الكاذب، ثم نفاجأ بعد ذلك بتصريح حكومى مفاده أنه سيتم التصويت فى الخارج بجواز السفر، فى استمرار لمسلسل العشوائية والتخبط, لقد كان أمام أصحاب القرار أكثر من ثمانية أشهر كاملة للتوصل إلى آليات محكمة للسماح للمصريين فى الخارج بالتصويت، غير أنهم تجاهلوا الأمر، حتى باغتهم حكم القضاء الإدارى فى ربع الساعة الأخير ووجدنا هذه الحالة من التلعثم والارتباك، التى تأخذ العملية كلها إلى غابة الطعون فى الانتخابات.
وأزعم أن أحدا من متخذى القرار لم يسأل نفسه: ماذا نفعل فى المصريين الموجودين داخل الكيان الصهيونى؟
رسميا هناك علاقات دبلوماسية كاملة بين الحكومة المصرية وحكومة العدو، وهناك أعداد غير محددة بدقة من المصريين تعيش هناك، فهل سيشملهم حق التصويت؟ وكيف سيتم ذلك، وإذا لم يسمح لهم ماذا سنفعل لو طعن أحدهم فى عملية الانتخابات برمتها, ويمكنك أن تقول الشىء نفسه فى قضية منع الفلول من الترشح، حيث بحت الأصوات تطالب بقانون عزل أو حرمان، بل إن المجلس العسكرى وعد بذلك فى بيان رسمى بعد اجتماعه الشهير مع الأحزاب، ثم خيم صمت قاتل حتى أفاق الجميع على حكم القضاء الإدارى بالمنصورة، ثم حكم الإسكندرية، لنجد أنفسنا محشورين فى حارة سد، لتبدأ التسريبات المكررة عن صدور قانون إفساد الحياة السياسية خلال ساعات «صحيفة الأخبار أمس». ومن حقك أن تتساءل: لماذا يصرون على هذا العك الممنهج؟