بدأت اليوم محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار حسن محمد عبد الله، أولى جلسات محاكمة 25 متهمًا في القضية المعروفة إعلاميًّا بـ"موقعة الجمل"، في مجمع المحاكم بالتجمع الخامس.
وتأخرت الجلسة لفترة بسبب امتلاء القاعة واكتظاظها بالمحامين والأهالي، وتجمع العشرات من المحامين والصحفيين خارج القاعة للمطالبة بالدخول!.
بدأت الجلسة بمناداة المستشار عبد الله على المتهمين الـ25، وأثبت حضور 22 متهمًا، فيما لم يحضر جلسة المحاكمة عبد الناصر الجابري، عضو مجلس الشعب "المنحل"، و2 آخرين، وتم تقديم شهادة طبية تفيد بعدم إمكانيتهم الحضور.
ثم بدأت النيابة في قراءة لائحة الاتهامات الموجهة إلى المتهمين في قضية الاعتداء على المتظاهرين السلميين بميدان التحرير يومي 2 و3 فبراير الماضي، والتي اشتهرت إعلاميًّا بـ"موقعة الجمل"، ونسب ممثل النيابة إلى المتهمين أن فريقًا منهم من أركان نظام الحكم السابق بحكم مواقعهم في الحزب الحاكم أو السلطتين التشريعية والتنفيذية والفريق الآخر ممن صنعوا أسماءهم ونجوميتهم برعاية النظام السابق، قاموا فور انتهاء الرئيس السابق من خطابه يوم 1/2/2011م بالدفاع عن بقاء النظام السابق استمرارًا لمواقعهم فيه، وتقديم قرابين الولاء والطاعة حتى يستمروا تحت عباءة ورضاء النظام السابق.
وأضافت النيابة أن جميع المتهمين اتفقوا من خلال اتصالاتٍ هاتفية جرت بينهم على إرهاب وإيذاء المتظاهرين بميدان التحرير، وتوافقوا على الاعتداء على حرياتهم الشخصية والعامة في التعبير عن رأيهم، والتي كفلها لهم الدستور والقانون، وإرهابهم مستخدمين في ذلك القوة والعنف والترويع والتهديد قاصدين إشاعة الخوف بينهم وفض تظاهرهم السلمي وإخراجهم من الميدان بالقوة والعنف ولو اقتضى ذلك قتلهم وإحداث إصابات بهم، مُعرِّضين بذلك سلامتهم وسلامة المجتمع وأمنه للخطر.
وأشارت إلى أنه تنفيذًا لهذا الغرض الإرهابي الإجرامي نظموا وأداروا عصابات وجماعات إرهابية مؤلفة من مجهولين من الخارجين على القانون والبلطجية- جلبوهم من دوائرهم الانتخابية ومن أماكن أخرى- وأعطوهم أموالاً ووعدوهم بالمزيد منها وبفرص عمل ووفروا لهم وسائل الانتقال وأمدوهم ببعض الأسلحة والأدوات والدواب، ومن بعض أفراد الشرطة، وحرَّضوهم على الاعتداء على المتظاهرين السلميين سالفي الذكر، وتقابلوا معهم في اليوم التالي 2/2/2011م بميدان مصطفى محمود بالمهندسين وأمام مبنى الإذاعة والتلفزيون بماسبيرو وميدان عبد المنعم رياض وشارعي مجلس الشعب وطلعت حرب وبعض المداخل الأخرى المؤدية لميدان التحرير.
وأضاف ممثل النيابة: "روج المتهم العاشر مرتضى أحمد محمد منصور لذلك الغرض الإرهابي بالقول العلني للمتجمعين منهم بميدان مصطفى محمود بالذهاب لميدان التحرير لطرد المحتجين السلميين منه، واصفًا إياهم "إنهم عملاء ومرتزقة وخونة" فاندفعت تلك العصابات والجماعات ومعهم مَن تجمعوا منهم في الميادين الأخرى يقودهم المتهمين صوب ميدان التحرير واقتحموه من مداخله ممتطين الجمال والخيول والبغال متسلحين بالأسلحة البيضاء والعصي والزجاجات الحارقة والحجارة وبعضهم محرزًا أسلحةً ناريةً من شأنها إحداث الموت اعتلوا بها أسطح البنايات المطلة على ميدان التحرير، وأعملوا الضرب في المتظاهرين السلميين بهذه الأسلحة والدواب والأدوات، وأطلقوا الأعيرة النارية عليهم، واستمروا في اعتدائهم من منتصف يوم 2/2/2011م يؤازرهم المتهمون الذين تواجدوا بمسرح الأحداث قاصدين من ذلك إرهابهم وإيذائهم وإلقاء الرعب بينهم، وتعريض حياتهم وحرياتهم للخطر لإجبارهم على مغادرة ميدان التحرير معرضين سلامتهم وسلامة المجتمع وأمنه للخطر، وكان ذلك تنفيذًا لغرضهم الإرهابي؛ وذلك على النحو المبين بالتحقيقات".
كما نسب إلى المتهمين أنهم اشتركوا وآخرون مجهولون في قتل المجني عليه أمير مجدي عبده الأحول عمدًا مع سبق الإصرار على ذلك، وكان ذلك بطريق الاتفاق والتحريض، بأن بيتوا النية وعقدوا العزم على قتل بعض المتظاهرين بميدان التحرير، فاعتلوا أسطح المبانى المطلة عليه، وأطلق أحدهم عيارًا ناريًّا على المجني عليه قاصدًا قتله فأحدث به الإصابات الموصوفة بتقرير الصفة التشريحية والتي أودت بحياته.
وقالت النيابة العامة: إن المتهمين اشتركوا وآخرون مجهولون في قتل علي حسن علي مهران ومحمد علي علي سليمان الشوربجي والاعتداء بالضرب على المجني عليه محمد عبد الرازق محمد الساعي بإطلاق أعيرة نارية رشية، وبالضرب بأسلحة بيضاء وزجاجات حارقة وقطع من الحجارة والرخام وعصي فأحدثوا به وبالآخرين الإصابة الموصوفة بالتقارير الطبية الشرعية، والتي تخلَّف لديه من جرائها عاهةً مستديمةً هي فقد إبصار العينين بنسبة مائة في المائة، وخلَّفت لدى الآخرين عاهات مستديمة بنسب مختلفة.
وقال ممثل النيابة العامة: إن المتهمين اشتركوا وآخرون مجهولون في الاعتداء بالضرب على المجني عليه طه حسن السيد محمد وآخرين "جاوز عددهم سبعمائة وسبعة وستون مصابًا" مبينة أسماؤهم بالأوراق عمدًا مع سبق الإصرار على ذلك.
ونفى كل المتهمين التهم الموجهة في قرار الإحالة، وأثار مرتضى منصور أحد المتهمين أزمةً مع القاضي، حيث اتهم مرتضى أحد الشهود بأنه يشهد زورًا ضده، مشككًا في روايات الشهود وأقوالهم للنيابة.
وأثناء إلقاء النيابة العامة قرار الإحالة، حاول منصور التعليق على بعض الاتهامات، رافعًا مجموعةً من الأوراق قائلاً: إن فيها دليل براءته، ولكن القاضي قاطعه بحدة وأكد أنه لا حق له في مقاطعة النيابة العامة أثناء إلقائها قرار الاتهام.
وعند سؤال مرتضى منصور في التهم الموجهة إليه، قال "يا سيادة الرئيس نحن لم يسمح لنا قاضي التحقيق بالكلام"، فقاطعه القاضي: "يا مرتضى أنت هتترافع، ده المشوار لسه طويل، وهنسمع كتير".
واستمع المستشار عبد الله إلى محامي الدفاع الذين شككوا في شهادات عددٍ من الشهود، وطالبوا بشهادات عددٍ من شهود النفي والإثبات، فيما رفضت المحكمة الاستماع لطلبٍ من أحد المدعين بالحق المدني بضم القضية إلى القضية المتهم فيها الرئيس المخلوع.
كما طالب المحامون بمد أجل القضية وتأجيلها لفترةٍ كافيةٍ لدراستها، بعدها رفع المستشار عبد الله الجلسة للمداولة.