تعجبت كثيرا مما يحدث الآن في برامج التوك شو
واستضافة الفنانيين وكانهم من صفوة المجتمع والنخبة المثقفه
الموجودة في مصر ،،، ويفتون ويقولون اراء سياسية كبيرة
تنم عن فكر وعقل اظن انه لم يخرج من الحضانه بعد
ولكن للأسف يأبي الأعلام الا ان ينصب علينا هؤلاء أوصياء
مع النخب الذين اعلنوا ان الشعب قاصر ويحتاج الى وصاية
حتي وان اخذ قرار فلا يؤخذ به لانه لم يبلغ الحلم بعد مقال للأستاذ فهمي هويدي عن بعض الفنانات ااصحاب النضال الثوري
ومع المقال
حين قرأت قول المخرجة إيناس الدغيدى أن مهمتها هى محاربة الدولة الدينية، فإننى خشيت أن تكون هذه أول ضربة موجعة تتلقاها الدولة المدنية. وهو ما ذكرنى بما ردده البعض قبل حين تعليقا على تصريح لها قالت فيه إنها ستترك البلد إذا تولى الإخوان السلطة، إذ سمعت أحدهم يدعو الله أن يعجل بوصول الإخوان إلى السلطة، معتبرا أن بعض القضاء أخف من بعض. ولا أعرف مدى دقة هذا الكلام الذى نسبته إليها الصحف فى الشأن السياسى. خصوصا أنه يتضمن أخبارا هامة، من قبيل قولها إن لها موقفا لم تتزحزح عنه منذ أول يوم فى حياتها وسوف يستمر معها حتى آخر يوم، مضيفة أنها اختارت أن تحارب علنا وبغير هوادة ذلك التيار الذى يوصل الإخوان إلى الحكم. من تلك الأخبار التى سربتها أيضا أن الإخوان استولوا على الثورة فى مصر. والخبران أذيعا لأول مرة، لأننا لم نسمع بتلك المعركة الشرسة التى تخوضها منذ ولدت ضد التيار الدينى (لم تذكر أسلحتها فى ذلك). ولم نكن نعرف أنها كانت تموه علينا وتخدعنا باللغط الذى أثارته الأفلام التى أخرجتها والبرامج التليفزيونية التى قدمتها فى شهر رمضان لتشجيع الناس على الافطار، فى حين أنها كانت تخوض فى هدوء معركتها السرية ضد التيار الدينى والدولة الدينية وكان من نتائجها ظهور الجماعات السلفية. كما أننا لابد أن نغبطها على إحاطتها بما هو خافٍ على الجميع، حين أسرَّت أيضا لأسبوعية «الفجر» (عدد 16/5) أن الإخوان استولوا على الثورة، وهو ما لم يسمع به حتى المجلس الأعلى للقوات المسلحة ذاته.
إذا انتقلنا من الهزل إلى الجد، فإننى لا أخفى دهشة سواء من اهتمام الصحافة الفنية بالآراء السياسية للفنانين، ومن الصحف التى تبرز تلك الآراء وتثير بها فضول الناس؛ حيث ليس مطلوبا من هؤلاء أن يصبحوا محللين ولا زعماء سياسيين، وغاية ما يتوقعه الناس منهم أن يقدموا لهم فنا أصيلا وممتعا. وهو كلام قلته من قبل تعليقا على تورط بعض الفنانين فى تصريحات سياسية لم يكونوا مضطرين إليها، ولكنى لاحظت أن ظاهرة ركوب الموجة السياسية برزت بعد ثورة 25 يناير.
إذ حرص البعض على أن يقدموا أنفسم بحسبانهم أبطالا للثورة وآباء لها، حتى فتش كل واحد منهم فى أعماله حتى إذا وجد أنه لوى شفتيه أو امتعض ذات مرة فى أحد المشاهد، فإنه يسارع إلى التدليل بذلك على أنه لم يكن راضيا عن الأوضاع وكان معارضا للتوريث. وإذا ما فشلت مسرحية أو فيلم قدمه آخر فإنه أصبح يبرر ذلك بأن جهاز أمن الدولة هو الذى ضغط وقام بتطفيش الجمهور. وقرأت أخيرا أن إعلامية كانت قد تركت مصر فى أعقاب إشكال أثارته فى حلقة تليفزيونية قدمتها حول فتيات الليل، وحين عادت أخيرا فإنها رفعت لواء الثورة وقالت إن حبيب العادلى وزير الداخلية السابق لفّق لها القضية بإيعاز من سوزان مبارك، كأن المشكلة الحقيقية كانت مع زوجة الرئيس السابق ونظامه.
لا أعرف من نلوم، الصحفيين الذين يؤثرون الثرثرة والنميمة وسؤال الفنانين فيما لا يجيدونه، أم الفنانين الذين يسعون إلى ركوب الموجة وتقديم أنفسهم باعتبارهم مناضلين وضحايا. أزعم أن الطرفين مسئولان، إلا أن مسئولية الصحفيين أكبر لأنهم من يستدرج الفنانين بأسئلتهم التى كانت تركز فى السابق حول رأيهم فى حظوظ جمال مبارك. وأصبحت تنصب الآن على رأيهم فى القوى السياسية ومواصفات رئيس الجمهورية القادم. وقد تمنيت باستمرار على الفنان إذا لم يكن ناشاطا سياسيا، أن يقول إنه لا يجيد الكلام فى السياسة وأن اهتمامه بفنه يستغرقه ولا يتيح له متابعة الشأن العام وحسم الخيارات السياسية أما إذا كان موجودا فى الساحة السياسية وله حضوره فى أى تجمع سياسى، فإن ذلك يوفر له شرعية تسمح له بأن يكون له رأى فى كل ما يجرى.
بذات المعيار فإننى لم أستسغ إدانة بعض الفنانين من غير الناشطين السياسيين. لأنهم لم يؤيدوا ثورة 25 يناير أو أنهم انتقدوها. وأزعم أنه من التعسف والظلم غير المبرر أن يشهر بهم وتدرج أسماؤهم فيما سُمى بقائمة «العار» ــ ذلك أن أمثال هؤلاء اجتهدوا فى حدود إدراكهم وخبرتهم المحدودة بالموضوع، ولا ينبغى أن يوجه إليهم اللوم إذا تبين أنهم وقعوا فى خطأ سياسى، بما يؤدى إلى اغتيالهم أدبيا وفنيا ــ وإذا كان المجتهد إذا أخطأ فى الدين فله أجر وإذا أصاب فله أجران، فأولى بنا أن نترفق بمن اجتهد وأخطأ فى شئون الدنيا، فلا نعاقبه أو نحاكمه.
بالمناسبة فليس مطلوبا من الفنانين أن يتسابقوا على إنتاج الأفلام التى تمجد الثورة، لكى يلتحقوا بركب المتنافسين على كتابة الأغانى التى اصبحت تقول كلاما واحدا عن أيامنا السوداء وفرحة الثورة ودماء الشهداء.
إن أكبر خدمة يقدمها الفنانون لنا وللثورة، أن يكفوا عن الإفتاء فى السياسة، وأن يقدموا لنا فنا نظيفا راقيا وممتعا، وهم بذلك يطلقون ثورة موازية فى مجالهم. وإذا فعلوا ذلك فإنهم يؤدون ما عليهم وزيادة. إذ نحن نريدهم أبطالا فى الفن وليس فى السياسة. والأولون قلة نادرة والآخرون على قفا من يشيل.