السنة و له عدة مصنفات في الحديث الشريف أهمها كتاب الفتح الرباني لترتيب مسند الامام أحمد و كان الى هذا يحترف تجليد الكتب و إصلاح الساعات لذا لقب بالساعاتي .
نشأ حسن البنا في بيت علم و صلاح ، و تلقى علومه الأولية في مدرسة الرشاد الدينية ثم بالمدرسة الاعدادي بالمحمودية . بدأ اهتمامه في سن مبكر بالعمل الاسلامي المنظم بالأمر بالمعروف و النهي عن المنكر و الدعوة الى الله ، فانشا مع زملائه في الدراسة ((جمعية الخلاق الأدبية )) ثم ((جمعية منع المحرمات)) و تعرف على الطريقة الحصافية ، مما أصّل في نفسه معاني الزهد و الصفاء و التجرد.
انتقل الى دار المعلمين بدمنهور عام 1920 حيث أتم حفظ القران الكريم قيل اتمام الربعة عشرة من عمره ، و شارك في الحملة الوطنية ضد الاحتلال.
و في عام 1923 انتقل الى القاهرة حيث انتسب الى دار العلوم . و هناك تفتحت أمام حسن البنا أفاق جديدة واسعة ؛ فبالاضافة الى مجالس اخوان الطريقة الحصافية كان يرتاد المكتبة السلفية و مجالس العلماء الأزهرين ، و كان يحض الجميع على ضرورة العمل للاسلام بشتى الوسائل . و تبلورت معالم الدعوة الى الله في نفسه و شغلت عليه تفكيره ، فبدأ ينتقل مع عدد من زملائه داعيا الى الله في المجالس و المقاهي و المنتديات .
تخرج حسن البنا من دار العلوم عام1927 ، و كان ترتيبه الول ، و عين مدرسا بمدينة الاسماعيلية على قناة السويس ، فانتقل اليها و بدأ نهجا مدروسا في الدهوة ، فكان يتصل بالناس في المقاهي ثم ينتقل بهم الى المسجد باذلا جهده في تجاوز الخلافات التي كانت تسود المجتمع الاسلامي انذاك و استطاع أن يرسي دعائم دعوة اسلامية متميزة حيث تعاهد مع ستة نفر من اخوانه على تشكيل أول نواة لجماعة الاخوان المسلمين ، و كان ذلك في شهر ذي القعدة 1347 هجرية- اذار(مارس) 1928 ميلادية.
تميزت دعوة الاخوان المسلمين من أول يوم بالعودة الى الاصالة الاسلامية بمصدريها : الكتاب و السنة ، متجاوزة الخلافات الجزئية و المذهبية . و كان الامام البنا يركز عللا ضرورة صب الجهود من أجل بناء جيل مؤمن يفهم الاسلام فهما صحيحا على انه دين و دولة ، و عبادة و جهاد ، و شريعة محكمة تنتظم حياة الناس جميعا في جوانبها كلها ، التربوية و الجتماعية و الاقتصادية و السياسية.
كانت الساحة الاسلامية في ذلك الوقت مقتصرة على تيارين رئيسين : الدعوة السلفية و الطرق الصوفية ، و كان الخلاف بينهما مستحكما و العداوة حادة ، و كان الفكر الاسلامي رهين أروقة الازهر و منظوماته و مصنفاته ، الا ما خلفته حركة جمال الدين الفغاني و محمد عبده و محمد رشيد رضا من اثار. لذلك كانت دعوة الامام البنا في العودة الى شمول الاسلام كل جوانب الحياة تجديدا رائدا في مجال التفكير الاسلامي. فبعد أن كان الكاتبون المسلمون يجدون عنتا في التدليل على ان الاسلام ليس ضد العلم و أنه يواكب الحضارة .. ابرزت حركة الاخوان المسلمين جيلا من الشباب المؤمن المثقف يستصغر الحضارة الغربية في جنب الاسلام ، و يعتقد انه (( لن تصدم حقيقة علمية صحيحة بقاعدة شرعية ثابتة )) ، و قد استوعبت جماعة الاخوان المسلمين في صفوفها مختلف قطاعات الشعب و خاصة الشباب المثقف ، و أوقدت جذوة الاسلام في النفوس من جديد.
و نعود مع الامام البنا الى الاسماعيلية ، حيث بدأ بناء مؤسسات الجماعة، فأقام مسجدا و دارا للإخوان، ثم معهد حراء الإسلامي ، و مدرسة أمهات المؤمنين ، و بدأت الدعوة تنتشر في القرى و المدن المجاورة .
و في عام 1932 ينتقل الإمام حسن البنا الى القاهرة ، و باتقاله اليها ينتقل المركز العام للإخوان المسلمين ، و كان يقوم برحلات متتابعة الى الأقاليم يصحب فيها أخوانه الجدد يربيهم على خلق الدعوة و يؤهلهم للقيام بأعبائها ، و كان يتابع عمله هذا بدأب و تفان حتى انتشرت دعوة الإخوان في كل أنحاء القطر المصري.
أصدر الإمام البنا مجلة الإخوان المسلمين الاسبوعية ، ثم مجلة النذير و عددا من الرسائل و لم يفرغ – رحمه الله – للتأليف بل كان جل اهتمامه منصبا على التربية و نشر الدعوة و على تكوين جماعة ما تزال رائدة البعث الاسلامي في العالم كله .
حرص الإمام البنا على ألا تكون حركته اقليمية في اطار القطر المصري، بل كانت عالمية بعالمية الدعوة الاسلامية ، لذلك وجدناها تمتد في الأربعينيات لتشمل العالم العربي كله. و لتنطلق بعد ذلك في أقطار العالم الاسلامي مركزة علم الدعوة في كل مكان. و كان الإمام البنا يرسل المبعوثين الى أقطار العالم يتفقدون أحوال المسلمين و ينقلون الى القاهرة صورة عن اوضاع العالم الاسلامي. و كان المركز العام بالقاهرة ملتقى أحرار المسلمين في وقت كانت فيه معظم أقطار العالم الاسلامي رازحة تحت الاحتلال الاجنبي، فمن رجال حركات التحرير في شمال افريقيا الى احرار اليمن الى زعماء الهند وباكستان و اندونيسيا و افغانستان الى رجالات السودان و الصومال و سوريا و الاردن و العراق و فلسطين...
و كان للقضية الفلسطينية عناية خاصة بالقضية الفلسطينية. و كانت له نظرة ثاقبة في موضوع الخطر اليهودي و كان الاخوان المسلمون منذ بداية الثورات الفلسطينية عام 1936 هم دعاة التحذير و التحرير في العالم العربي. و لما دخلت الجيوش العربية فلسطين عام 1948 خاض الاخوان المسلمون الحرب في كتائب متطوعة عبر الجبهة الغربية من مصر و الشرقية من سوريا و أبلوا فيها أحسن البلاء.
بعد ذلك صدرت الأوامر من الدول الغربية الكبرى للحكومة المصرية بحل جماعة الاخوان المسلمون و اعتقال شبابها العائدين من القتال و ذلك بعد النكبة و توقيع الهدنة. و أبقي الامام وحده خارج السجن ليجري اغتياله من قبل زبانية فاروق في أحد شوارع القاهرة يوم 14 ربيع الثاني 1368 هجرية الموافق 12 فبراير 1949 ميلادية.
و لم تنته جماعة الاخوان المسلمين باغتيال مرشدها و اعتقال رجالها و اغلاق دورها بل خرجت من المحنة اشد و أصلب عودا لتخوض حربا اخرى ضد قوات الاحتلال البريطاني في قناة السويس عام 1951 مما استدعى ضربة اقوى عام 1954 و اخرى عام 1965.
و ما تزال حركة الامام البنا " الاخوان المسلمون " تمتد أفقا و عمقا لتغطي العالم كله و ليحتل فكرها الاسلامي الأصيل ساحة الصراع و اننا لنجد اليوم أن الافكر الاسلامي لكتاب الحركة قد فرض نفسه على كل التجمعات الاسلامية بشتى هوياتها، و اصبحت احقية الاسلام بالتطبيق في كل مجالات الحياة الاجتماعية و الاقتصادية و السياسية من المسلمات التي تفرض نفسها حتى على اعداء الاسلام و تملأ نفوس تيار عريض من الاسلاميين في كل مكان تدفعهم للجهاد في سبيل اعلاء كلمة الله و اقامة حكم الله في الارض .
و اذا ما برزت في الساحة الاسلامية اليوم نظريات ترى تطوير العمل الاسلامي بأن تنصب الجهود على الدعوة و التربية دون العمل السياسي ، أو التركيز على العمل العسكري دون التربوي أو الدعوة الى احتراف العمل السياسي فقط ، فإن أيا من هذه الآراء يعتبر تخلفا في الفهم و التجربة تجاوزته حركة الاخوان المسلمين فالتصور الاسلامي الذي طرحه الامام البنا مبني على قواعد من الشمول و التوازن في بناء الشخصية الاسلامية و الحركة الاسلامية. فالبناء لا يكون اسلاميا الا اذا تمثلت عناصره الاسلام عقيدة و شريعة ، سلوكا و سياسة ، عبادة و حكما و جهادا في سبيل الله .
على هذه الأسس أقام الرسول صلى الله عليه و سلم البناء الاسلامي الأول و عليها اقام ، و عليها أقام الامام البنا جماعته ، و على نفس الأسس تتابع الحركة الاسلامية الطريق