ملف خاص: المنتجات الإسرائيلية فى مصر August 13th, 2011 1:03 pm | محمد توفيق - أحمد الليثى
• التحرير
كل أركان الجريمة مكتملة!
الشهود موجودون، والمجرم معترف، والأدلة كثيرة، وأداة الجريمة مضبوطة، ورغم كل ذلك يخرج الجانى فى كل مرة بغير عقاب، ويتم تسجيل الواقعة ضد مجهول!
لكن هذه المرة الأمر مختلف، فالوثائق السرية التى حصلنا عليها تؤكد تورط عدد كبير من المسؤولين فى وزارة الزراعة فى علاقات مع العدو الإسرائيلى، فالرحلات إلى تل أبيب لا تتوقف، والمتعاونون مع العدو ما زالوا فى مواقعهم، بل إنهم صاروا فى مواقع أهم وأخطر بعد الثورة.
خبير زراعى يعترف: الموساد حاول تجنيدى خلال وجودى فى تل أبيب وعندما أبلغت المسؤولين لم يتحرك أحد
كأن الثورة لم تقم!
كأن الثورة التى أطاحت برموز الفساد ووضعتهم فى ليمان طرة عاجزة عن أن تقترب من رموز التطبيع الذين حققوا للكيان الصهيونى بالسلام ما لم يستطع تحقيقه بالحرب، فقد ساهموا فى ارتفاع إنتاج «المعزة» الإسرائيلى حتى أصبحت تعادل إنتاج «البقرة» المصرى، وكذلك إنتاج «النعجة» الإسرائيلى التى صارت تتساوى مع إنتاج «الجاموسة» المصرى، وذلك بفضل التعاون الزراعى مع مصر الذى تقول الوثائق إن الهدف الأساسى منه هو المساعدة على الوصول إلى تطبيع كامل للعلاقات بين مصر وإسرائيل، لكن هذا ليس الهدف الوحيد من التعاون، فإسرائيل منذ اللحظة الأولى للتعاون الزراعى مع مصر حرصت على زرع رجال الموساد فى كل اتفاقية، فتم اختيار «صامويل بوهوريلس» ليكون رئيسا للجنة المصرية الإسرائيلية، وهو يعتبر واحدا من أهم قيادات الوكالة اليهودية التابعة للموساد والمسؤولة عن تجنيد العملاء وجمع إعانات مالية لدعم الحركة الصهيونية. ولم تتوقف إسرائيل عند حد اختيار ممثلها فى اللجنة لكنها كانت تحرص دائما على أن تحدد شروط اختيار الممثل المصرى فى اللجنة ومن بين هذه الشروط -كما نصت الوثائق- أن يكون نائب رئيس اللجنة المصرية الإسرائيلية شخصية تثق بها إسرائيل، وأن يظل لفترة طويلة فى موقعه ولا يستطيع أحد أن يستبعده إلا إذا ظهر منه ما يجعله خطرا على المشروع، ولو تم تغييره يجب أن يتم اختيار بديله بعناية فائقة ليكون مناسباً لجميع المتطلبات لتلك العملية المعقدة الخاصة!
لكن الغريب أن هذه الشروط انطبقت على العديد من مسؤولى وزارة الزراعة الذين لا يتم تغييرهم والذين تناوبوا على العمل باللجنة وأبرزهم الدكتور محمد الدسوقى، نائب وزير الزراعة لشؤون العلاقات الزراعية الخارجية السابق، وفؤاد أبو هدب، نائب وزير الزراعة السابق، والدكتور عادل البلتاجى، مستشار الوزير، الذى وجدنا صورته مع «صامويل بوهوريلس» داخل الوثائق التى حصلنا عليها.
كل هؤلاء يسافرون إلى تل أبيب بانتظام، لكن الغريب أنهم ليسوا وحدهم الذين يحرصون على السفر إلى تل أبيب، فوزير الزراعة الأسبق يوسف والى كان يرفع شعار «السفر للجميع» وأغلب مسؤولى وزارة الزراعة سافروا إلى تل أبيب واستقبلوا فى مكاتبهم مسؤولى العدو الإسرائيلى وتحدد الوثائق أيضا الفرق بين التعاملين المصرى والإسرائيلى مع هذه المنتجات الزراعية الناتجة عن التعاون حيث تقوم مصر باستخدام هذه المنتجات فى السوق المصرية فقط، فى حين أن إسرائيل تقوم بتصدير جميع المنتجات فى الأسواق الخارجية، وقد تم تصميم وكتابة هذا المشروع من قبل أفراد من مصر وإسرائيل وأمريكا فى خبرة التنمية والإدارة والإجراءات الناجحة للبرامج الدولية فى زراعة الأراضى القاحلة، وستتم دراسة البرنامج وفقاً لخبرات الإدارة الدولية فى مؤسسة جامعة سان دييجو. والمثير للدهشة أن هذه الجامعة التى تقوم بوضع الأطر الرئيسية للمشروع لا علاقة لها بالزراعة من قريب أو بعيد فهى لا يوجد بها أى خبير زراعى متخصص ولا توجد بين كلياتها كلية زراعة مما يثير الشبهات حول الدور الحقيقى الذى تلعبه هذه الجامعة التى تقوم بدور المنسق العام والراعى للتعاون بين مصر وإسرائيل.
لم تقف الوثائق -التى يتجاوز عددها الـ500 وثيقة، والتى تم الحصول عليها من مسؤول مصرى فى واشنطن- عند تحديد الجهات المتعاونة مع إسرائيل، لكنها أيضا كشفت عن مفاجأة خطيرة وهى قيام المسؤولين فى مصر وإسرائيل بالاتفاق مع وسيط يتم التعاقد معه من الباطن وغالبا ما يكون هذا الوسيط أمريكيا حتى يتجنب المسؤولون فى مصر المساءلة أمام الرأى العام، ويتعاون مع الخبراء الإسرائيليين علماء وطلبة مصريون، ومن بين هذه المناطق منطقة النوبارية التى يعمل بها من حصلوا على دورات فى معهد بيريز للسلام، حيث ينص العقد على تدريب 120 مصريا فى المراكز الأكاديمية الإسرائيلية، علاوة على إقامة دورات تدريبية فنية قصيرة المدى لـ728 مصريا.
الوثائق وحدها تكفى لكن شهادات المسؤولين والخبراء تدعم الوثائق وتكشف الحقائق، خاصة إذا كان هؤلاء فى موقع الأحداث، من هنا ذهبنا إلى إسماعيل رضوان -أحد الباحثين بوزارة الزراعة- الذى يقول: «سافرت إلى إسرائيل مرتين من خلال برنامج التبادل العلمى والتكنولوجى الذى تنفذه وزارة الزراعة لكن السفر لم يكن إجباريا لكن من الصعب أن يرفض أحد السفر لأسباب كثيرة منها تصعيده لمراكز أعلى داخل الوزارة وإعطاؤه بدل سفر الذى لم أحصل منه سوى على 25 جنيها فى اليوم هذا بجانب أن أغلب العاملين بالوزارة من البسطاء الذين يفرحون بركوب الطائرة، لكن فى أثناء وجودى فى إسرائيل اتصلت سيدة تدعى وردة بزميل لى وطلبت لقاءه وأن يصطحبنى معه فقال لى: إننا سنذهب إلى فندق مجاور للفندق الذى نقيم فيه، وبالفعل ذهبنا إلى المكان المتفق عليه ووجدنا هناك ثلاثة شباب فى انتظارنا بصحبة وردة فجلسنا معهم أكثر من ثلاث ساعات ثم قالوا إنهم من الممكن أن يقيموا لى شركة أدوية فى شبرا على أن أكون مديرا لها مقابل عشرة آلاف دولار شهريا، لكنى رفضت فحاولوا الضغط عليّ بكل الوسائل من خلال امرأة إسرائيلية جميلة لكنى أبلغت القيادات فى وزارة الزراعة، وقدمت تقارير للجهات المختصة لكن لم يتحرك أحد».
ويضيف الخبير الزراعي: «لكن الغريب أنه فى إحدى البعثات التى شاركت فيها وجدت معى رجلا كبيرا كنت أظنه خبيرا زراعيا لكن بعد عودتى اكتشفت أنه «عم محمد» ساعى مكتب الوزير، ولا أحد يعرف سر اختياره ولا الهدف من سفره فى بعثة يقال إنها علمية، لذلك عندما عدت إلى مصر شعرت بحجم الخطأ الذى وقعت فيه دون دراية منى بالهدف الحقيقى من السفر.
الغريب أن السيد فرج وزير الزراعة الحالى قد أعاد أعوان يوسف والى مرة أخرى إلى مواقعهم وعلى رأسهم عادل البلتاجى وسعد نصار الذى يعد من أشهر الشخصيات الزراعية التى تتعاون مع إسرائيل، وذلك وفقا لوثيقة قام بتوقيعها بخط يده يطلب فيها من محمد والى، شقيق يوسف والى، تفعيل التعاون مع إسرائيل باعتبارها شريكا لمصر فى مجال التنمية الزراعية.
اختيار سعد نصار وعادل البلتاجى فى هذا التوقيت يضع مئة علامة استفهام، فكلاهما تثق فيه إسرائيل ومن الصعب أن نثق فيهما.
8مبيدات مسرطنة فى الأسواق
ليس واحدا أو اثنين ولكنهم ثمانية مبيدات مسرطنة فى الأسواق.
وجدته «التحرير» فى أثناء رحلة البحث عن مدى اختراق إسرائيل الزراعة المصرية، وكانت المفاجأة أن أغلب هذه المبيدات حصل على تصريح من وزارة الزراعة بتداوله، رغم أن استخدامه محرم دوليا، وبعض هذه المبيدات إسرائيلية، يتم تهريبها عن طريق الأردن أو من خلال شركات أوروبية- وهمية- وهذه المبيدات متوافرة بكثرة فى السوق، ويظهر على عبواتها بوضوح الكتابة باللغة العبرية، وبعضها تم تحريمه دوليا منذ سبعينيات القرن الماضى، وتتسبب تلك المبيدات فى تعرض الإنسان للسرطان بدرجات متفاوتة، وقد حصلت «التحرير» على قائمة بأسماء المبيدات المسرطنة- وفقا لوكالة حماية البيئة الأمريكية- التى ما زالت فى الأسواق وهى:
بيرمثرين: يسبب السرطان بشكل قاطع، وهو غير مسجل من قبل لجنة المبيدات، لكنه متوافر بالأسواق.
مالاثيون: يشار إليه بالرقم «3»، أى أن هناك دليلا لتسببه فى تعرض الإنسان للسرطان، وهو مسجل من قبل اللجنة.
دى دى تى، بروبرجيت: وهما غير مسجلين من قبل وزارة الزراعة، ولكنهما موجودان بالأسواق.
كاربيندين، ألفا سيبر ميثرين: يشار إليهما بالرمز «c»، وهو يعنى احتمالية تسببه فى تعرض الإنسان للسرطان، وهما مسجلان من قبل لجنة المبيدات الزراعية.
كوينالثوس: وهو ترتيبه الأول فى قائمة المبيدات المحرمة دوليا، ومحظور دخوله مصر، وهو غير مسجل من قبل الوزارة، ولكنه موجود بالسوق.
دايزينون: وهو يحمل الرقم 2 فى نفس القائمة، وهو مسجل ضمن القائمة التى تقر اللجنة بسلامتها.
وأثبتت التجارب أن هذه المبيدات تسبب ما هو أخطر من السرطان، وهو الإصابة بخلل فى هرمونات الغدة الدرقية.
الغريب أن هذه المبيدات تنتشر فى كل مكان فى مصر، فمن خلال الرحلة التى قطعتها على بعد 140 كيلومترا من القاهرة إلى بنى سويف، وفى أحد المشاتل عثرنا على إحدى العبوات لمبيد مكتوب عليه باللغة العبرية، وعندما اتصلنا بإحدى شركات المبيدات الموجودة على طريق الإسكندرية الصحراوى، والمسؤولة عن توزيع هذه المبيدات، وسألنا بالتحديد عن المبيد الإسرائيلى «جومايت» -الذى يدخل إلى مصر مهربا من خلال الأردن- فأكد لنا صاحب الشركة أن المبيد موجود، ويمكن إرساله لنا فى أى مكان نحدده.
ويقول الدكتور محمد قنديل، الأستاذ بقسم المبيدات بكلية الزراعة جامعة القاهرة وعضو اللجنة المسؤولة عن المبيدات، إن اللجنة تحاول تقليل التعامل مع إسرائيل بقدر الإمكان، لكن معظم المبيدات المحظور انتشارها تدخل السوق عن طريق التهريب، والبعض يدخل من خلال تسجيله فى وزارة الصحة، كأن استيراده لسبب ليس له علاقة بالنبات، لأنه يعلم أنه لن يسمح بتداوله، ويتم استخدامه فى الزراعة.
كيف تعرف المنتج الإسرائيلى؟
زُرع فى إسرائيل!
الخيار، الفلفل، الفراولة، الطماطم، التفاح، البطيخ، الكانتلوب، الخوخ. هذه المنتجات الزراعية التى نأكلها يوميا تمت زراعتها فى تل أبيب أو نبتت فى أرضنا بفعل التقاوى الإسرائيلى ونحن غافلون.
لا تندهش، فالوثائق لم تترك مساحة فاصلة بين الشك واليقين، فالمنتجات الإسرائيلية احتلت الأسواق المصرية، وحققت لإسرائيل بالسلام الزائف ما لم تستطع تحقيقه بكل ترساناتها العسكرية، ولم يتبق سوى أن تجد بائعا ينادى «الإسرائيلى يوكل.. فراولة شارورن الكيلو بجنيه» وإليكم الوصف التفصيلى للمنتجات طبقا لما جاء فى الوثائق:
الطماطم
تتميز ثمرتها بشكلها المستدير استدارة كاملة وتكون مائلة إلى الاخضرار، وعنق حبة الطماطم (العرقوب) يكون ملتصقا تماما بالثمرة بشكل يصعب معه فصله عنها، وفى السوق صنفان من الطماطم الإسرائيلية، الأول باسم «أوريت دانيلا 144» يزرع فى شهرى أكتوبر ونوفمبر ويتم إنتاجه فى مارس وأبريل، والصنف الآخر معروف باسم «فاكولتا
الفلفل
يوجد فى الأسواق المصرية صنف يسمى «مكابى اللومويون» وهو يتميز بقرونه الصغيرة جدا والمتعددة الألوان وهو ما نراه فى الأسواق بوضوح من ألوان كثيرة للفلفل بعيدا عن لونه الأخضر التقليدى، يتم زراعته فى الصوب فى شهر سبتمبر وينتج فى شهر نوفمبر ويزرع فى التل الكبير وفى منطقة وادى الملاك بالإسماعيلية، وله تأثيراته على الجهاز الهضمى.
الخيار
كبير الحجم والمحتوى المائى به كبير ويسهل تعرضه للتلف بسرعة وموجود منه فى الأسواق المصرية أصناف «دليلا سوبر دليلا – ليلى» وتزرع ابتداء من نوفمبر وتنتج اعتبارا من يناير. يتم رش هذه الأصناف بمبيدات جهازية تسبب السرطان.
الفراولة
موجود منها بالأسواق أكثر من صنف «شارون – عوافيرا – دوريت»، وهى تتميز بحجمها الكبير واحتوائها على سائل بشكل كبير، ويتم زراعتها ابتداء من منتصف سبتمبر وتنتج فى نوفمبر، واستخدام هذه الأصناف يؤدى إلى أمراض فى التربة.
الكانتلوب
متوافر بشدة فى أسواق العريش ومعروف بـ«الكانتلوب الإسرائيلى»، وهو صنف يسمى «جولان»، يتميز بحجمه الصغير واحتوائه على نسبة عالية من السكر على عكس الصنف الآخر المعروف باسم «جاليا» الذى يتميز بحجمه الكبير واحتوائه على نسبة قليلة من السكريات. تتم زراعته فى النوبارية، ويزرع الكانتلوب فى شهرى نوفمبر وديسمبر، ويتوافر فى الأسواق فى شهر مارس.
البطيخ
يتميز بلونه الأخضر الغامق جدا وله قشرة سميكة وبذوره حجمها صغير، وتحتوى البطيخة على سائل مائى كبير، والصنف الموجود فى السوق المصرية معروف باسم «أودم»، وهو يزرع فى شهرى ديسمبر ويناير وينتج فى مايو، وتنتشر زراعته فى شمال سيناء والإسماعيلية ويزرع فى أراض مفتوحة.
الموز
الصنف الموجود فى الأسواق معروف باسم «ويليامز» ويتم إنتاجه من خلال زراعات أنسجة (ملستينات الموز) باستخدام الهندسة الوراثية، ويعرف الموز الإسرائيلى بقشرته السميكة واحتوائه على نسبة قليلة من السكريات، وثمرته قابلة للتلف بسهولة بمجرد تعرضه للهواء لمدة يوم واحد فقط وذلك لاحتوائه على سائل مائى بنسبة كبيرة، ورشه ببعض هرمونات النمو.
الخوخ
يعرف بـ«خوخ التصنيع»، وهو ذو لون أصفر ويتعرض للتلف بسرعة لاحتوائه على سائل مائى بنسبة كبيرة وتستخدم فى تلوينه هرمونات شديدة الخطورة ويظهر بالسوق المصرية فى شهرى أبريل ومايو، وتتم زراعته بأراضى شباب الخريجين بالنوبارية فى منطقتى البستان وبنجر السكر
التفاح
اسمه فى الأسواق «أنا»، يميل لونه إلى الاخضرار بشدة ونسبة السكريات به قليلة وتتميز ثمرته بأنها جافة (ناشفة) وتستخدم هرمونات النمو فى تلوينه وينتج فى شهر يونيو.
أساتذة الجامعات الذين سافروا إلى تل أبيب يؤكدون: السفر هدفه خدمة إسرائيل ولا علاقة له بالعلم
الوثائق تغنى عن أى كلام، والقضية أكبر من أن نتركها للأحاديث المرسلة، ففى تقرير يضمن 255 وثيقة باللغة الإنجليزية يرصد أدق تفاصيل التعاون الزراعى بين مصر وإسرائيل، ويكشف دور الجامعات المصرية فى نجاح هذا التعاون، نجد أننا أمام مؤامرة حقيقة وليست مجرد نظرية للمؤامرة.. وإليكم التفاصيل..
القاهرة تعد أعرق وأقدم جامعة مصرية، ومن هنا كانت أهميتها فى برنامج التطبيع، فبحكم شهرتها كان من المهم لإسرائيل أن تكون واحدة من الجامعات التى يجب اختراقها. . الدكتور محمد الرفاعى، الأستاذ بجامعة القاهرة، ورئيس بحوث معهد الإنتاج الحيوانى بمركز البحوث الزراعية، يروى قصة سفره لإسرائيل قائلا: سافرت ضمن بعثة ضمت 30 متخصصا من جميع المجالات الزراعية المختلفة بقرار وزارى، ضمن برنامج التطبيع، بين وزارتى الزراعة المصرية ونظيرتها الإسرائيلية، كنت الوحيد من قسمى، وبلغت بأن سبب سفرى هو التدريب على الإنتاج المكثف للدواجن، وبدأت فى التجهيز لإجراءات السفر بشكل رسمى جدا، من خلال الحصول على تأشيرة من السفارة الإسرائيلية، واستقلنا طائرة تابعة لشركة «العال» الإسرائيلية من القاهرة إلى تل أبيب مباشرة، خلال ساعة واحدة.
عين شمس ى الراعى الرسمى لبرامج التطبيع الزراعى مع إسرائيل، ومركز البحوث الموجود بها هو أكثر الكيانات المصرية التى تتعاون مع إسرائيل على مدار سنوات طويلة.
ذهبنا إلى جامعة عين شمس، وتحدثنا مع أحد الأساتذة الذين سافروا إلى تل أبيب الذى رفض ذكر اسمه مقترنا بإسرائيل، لكنه روى تجربته كاملة بقوله: تم ترشيحى كبقية زملائى للسفر فى مهمة علمية إلى إسرائيل، وقبل السفر بعدة ساعات تم تلقينى بالقيام بدور أمنى بشكل سرى، كمراقب على سلوكيات المسافرين فى البعثة، وأدركت يومها أن مثل تلك السفريات يقتصر دورها على إثبات حسن النيات من جانب المسؤولين المصريين مع الجانب الصهيونى ليس إلا، والدليل على ذلك أن أكثر من ربع عدد البعثة كان من الفنيين الزراعيين الحاصلين على دبلومات
الأزهر. لكله إلا الأزهر!
فهى ليست مجرد جامعة، لكنها قلعة ورمز للإسلام، لذلك لو وضعت كل جامعات مصر فى كفة وجامعة الأزهر فى كفة أخرى، وقيل لإسرائيل اختارى بينهما لاختارت الأزهر، لكن فى عصر الرئيس المخلوع مبارك استطاعت أن تحصل على الكفتين دون أن تفاضل بينهما.
من هنا لم تكن صدفة أن يصعد الدكتور ماهر والى إلى كرسى عمادة كلية الزراعة بجامعة الأزهر، فى نفس العام الذى تم فيه عقد اتفاقية للتعاون بين الجامعات المصرية وجامعة بن جوريون، ليجلس ممثل الأزهر الشريف مع ممثل دولة الصهاينة.. ويروى الدكتور محمد الشحات، أستاذ الصناعات الغذائية بكلية الزراعة جامعة الأزهر، قصة أساتذة الأزهر مع إسرائيل بقوله: إن عديدا من أساتذة الكلية قد سافروا إلى إسرائيل، فى بعثات وزارة الزراعة، وكانت معظم البعثات للأساتذة المقربين ليوسف والى، وماهر والى، وتتم زياراتهم كمستشارين زراعيين.
الإسكندرية الطمع وحده هو الذى يدفع الباحث للسفر إلى تل أبيب.. الطمع فى المنصب والنفوذ والوصول لأعلى درجات الترقى، لكنه هناك أيضا سبب آخر يجعل الأستاذ الجامعى مضطرا للسفر، وهو أن يأتى تكليف من رئيسه بالسفر إلى إسرائيل، وهذا ما يؤكده الدكتور محسن آدم، الأستاذ بكلية الزراعة جامعة الإسكندرية، ويقول: معظم الذين سافروا إلى إسرائيل كانوا من الباحثين بمراكز البحوث والمعاهد البحثية، خصوصا معهد بحوث «الصبحية» بالإسكندرية، وأغلبهم كان يسافر مكرها بسبب أن التكليف يأتى من رؤسائهم، أو من الوزير نفسه
الزقازيق لم يكن اسم جامعة الزقازيق مطروحا بين الكيانات التى تتعاون مع العدو، لكن هذه واحدة من فوائد الوثائق وهى أنها تكشف ما يدور خلف الستار، وبالتالى كان من الضرورى الوصول لواحد من الأساتذة، الذين سافروا إلى إسرائيل وبالفعل وصلنا إلى أحد الأساتذة بكلية الزراعة ومعهد بحوث الصحراء، لكنه خشى من ذكر اسمه وتحدث إلينا قائلا: سافرت إلى تل أبيب ضمن برنامج التعاون بين وزارة الزراعة المصرية، ونظيرتها الإسرائيلية وكذلك المعاهد البحثية التابعة لإسرائيل، وكان الغرض فى ذلك التوقيت بالذات للاحتفال بمرور 50 عاما على إنشاء دولة إسرائيل، ولتبيض وجهها أمام العالم، خلال تلك الزيارة الموجود بها باحثون من معظم دول العالم، ولتدلل إسرائيل على علاقاتها الطيبة مع جميع الدول، خصوصا مصر والعمل على تطبيع العلاقات بشكل واضح، وبالطبع كان السبب المعلن قبل السفر أن الزيارة علمية، لتبادل الخبرات، لكن ما اكتشفناه هناك أوضح لنا الصورة، فلم تكن هناك أى استفادة علمية تذكر، بل كانت بمثابة احتفالية بدولة إسرائيل، ويفجر الباحث الذى سافر إسرائيل مفاجأة بقوله: طبقا للقانون فإن أى باحث مسافر لدولة عربية يحصل على ثلث بدل سفره لدولة أوروبية، لكن المدهش أن مصر لا تفرق بين إسرائيل والدول العربية.
لماذا يذهب وزراء الزراعة إلى تل أبيب؟
لا فرق بين قبل الثورة وبعدها!
أغلب وزراء الزراعة ذهبوا إلى إسرائيل للحصول على دورات فى معهد بيريز للسلام فى تل أبيب بداية من يوسف والى رائد حركة التطبيع للجميع، مرورا بأيمن فريد أبو حديد وزير الزراعة السابق، وصولا إلى صلاح السيد فرج وزير الزارعة الحالى، فالثلاثة صعدوا إلى كرسى الوزارة فى توقيتات مختلفة. الأول فى بداية الثمانينيات والثانى بعد الثورة مباشرة والثالث بعد مظاهرات واعتصامات 8 يوليو التى طالبت بتغيير الوزراء الذين يعدون من فلول النظام السابق، ورغم ذلك لم يتغير الوضع فى وزارة الزراعة.
الأسماء فقط تغيرت «شالوا أبو حديد جابوا فرج» لكن بنفس المواصفات ونفس العقلية التى تجعل من سافر إلى إسرائيل له الأولوية على أى شخص آخر، وكأن السفر إلى تل أبيب يمنح صاحبه النفوذ فى أى زمان وتحت أى ظرف.
محسن هاشم، رئيس اللجنة المصرية لمقاومة التطبيع، يقول: وزراء الزراعة ذهبوا إلى إسرائيل حتى يتمتعوا بالنفوذ والمنصب وهو ما تحقق لهم بالفعل لكن ما يحدث جريمة لا يمكن السكوت عنها لذلك نقوم كلجنة لمقاومة التطبيع برصد المطبعين مع العدو الصهيونى وكشف الاختراق الصهيونى للزراعة المصرية، من دخول أسمدة ومبيدات وبذور ومخصبات زراعية، وكذلك كشف تبادل الوفود بين مصر وإسرائيل تحت ستار البعثات العلمية الزراعية.
ويضيف رئيس اللجنة: منعنا بعد الثورة فوجا مسافرا من 60 أستاذا وباحثا ومهندسا إلى إسرائيل تحت اسم «تبادل المعلومات والخبرات بين مصر وإسرائيل» وتقدمنا حينها ببلاغ لوقف تلك المهزلة وبالفعل لم يتمكن الفوج من إتمام رحلته بسبب الضغط الذى مارسناه عليه داخل الوزارة
ا